بسم الله الرحمن الرحيم
تعدّ مسألة التحسين والتقبيح من أهم المسائل المعرفية؛ وذلك لابتناء جملة من القضايا الرئيسة في الدين عليها.
وقد وقع نزاع في حقيقة التحسين والتقبيح، وفي الجملة يمكن أن يقال بوجود مسلكين رئيسين في تفسير حقيقة التحسين والتقبيح:
المسلك الأول: الحسن والقبح أمران واقعيان حقيقيان:
وواقعيّتهما كواقعية جميع القضايا الأولية، وهذا الأمر الواقعي يدركه العقل كما يُدرك جميع القضايا الأولية الأخرى، فكما يُدرك العقل أن الممكن له علة وأن العلة أكمل من المعلول = يُدرك أن الظلم قبيح وأن الإحسان إلى الغير حسن، وكما أن احتياج الممكن إلى العلة أمر واقعي كذلك قبح الظلم أمر واقعي.
فأحكام الحسن والقبح على هذا المسلك تؤول إلى قضايا بديهية كبداهة امتناع اجتماع النقيضين وبداهة احتياج الممكن إلى العلة، ومن ثم فهي قضايا غنية عن الاستدلال، ويُكتفى في بيانها بالتنبيه، فيُنبّه العاقل على قبح الظلم من خلال التفاته إلى حقيقة الظلم المبررة لحكم العقل عليه بالقبح بشكل تلقائي.
وهذا المسلك هو مسلك العدلية من المتكلمين كالإمامية والمعتزلة والزيدية، وهو مسلك بعض ممن لا يُنسب إلى القول بالعدل من أهل السنة وإن قالوا بشيء من ذلك، كما هو الحال في الماتريدية وأتباع ابن تيمية.
قال الشيخ الطوسي "وإنما قلنا: إن تكليف ما لا يطاق قبيح؛ لأنه مركوز في العقل قبح تكليف الأعمى نقطَ المصاحف والمقعدِ العدوَ والعاجزِ حملَ الأجسام الثقال ونقلَها، والعلم بقبح ذلك ضروري لاجتماع العقلاء على ذلك، ولا علة لذلك إلا أنه تكليف بما لا يطاق؛ ومن ارتكب حسن ذلك لم يحسن منا مكالمته، وإنما ينبه على غلطه بضرب الأمثال كما تضرب الأمثال السوفسطائية وأصحاب العنود الذين دفعوا العلم بالمشاهدات والضروريات، وإلا فالاحتجاج لا يمكن معهم لأن الاحتجاج إنما يصح فيما يغمض ليرد إلى ما يتضح، فمن دفع الضروريات لا يمكن احتجاجه بالرد إلى ما هو أوضح منه؛ لأنه لا شيء أوضح من الضروريات، فمن دفعها سد الباب على نفسه"[1].
المسلك الثاني: الحسن والقبح ليسا واقعيّين:
فليس في الواقع أمر واقعي تمكن الإشارة إليه بالحسن والقبح، وفي مقابل ذلك تمكن الإشارة إلى الإمكان والوجوب والامتناع، فالحسن والقبح ليسا كالواقعيات التي يدركها العقل من العلية والمعلولية والإمكان والوجوب والامتناع والوجود والعدم.
ومع ذلك يحكم الإنسان بهما، فيرجع الحكم بهما إلى سبب ما، وحينئذ يختلف أصحاب هذا المسلك فيما يرجع إليه التحسين والتقبيح الصادران من الإنسان:
فقد يُرجع إلى اعتبار العقلاء وبنائهم كما ذهب إلى هذا الفلاسفة، فتكون أحكام التحسين والتقبيح عبارة عن اعتبارات قانونية تُنشئها النفس لترتب عليها بعض الآثار العملية الموجبة لاستكمال النفس الإنسانية أو لتحصيل المنافع العامة للمجتمع، فيُلاحظ الحاكم بالحسن والقبح ما يترتب على العدل من منافع أو كمالات فيعتبره حسنا، ويُلاحظ ما يترتب على الظلم من مضار ونقص فيعتبره قبيحا، وهكذا.
قال السيد الطباطبائي في الميزان عند حديثه عن وصف أفعال الله -تعالى- بالحسنة "وقد عرفت مما تقدم أن هذه أحكام وعلوم اعتبارية غير حقيقية اضطرنا إلى اعتبارها وجعلها الحوائج الطبيعية وضرورة الحياة الاجتماعية لا خبر عنها في الخارج عن ظرف الاجتماع، ولا قيمة لها إلا أنها أمور متقررة في ظرف الوضع والاعتبار يميز بها الإنسان ما ينفعه من الأعمال مما يضره، وما يصلح شأنه مما يفسده، وما يسعده مما يشقيه.
وقد ساقت العصبية المذهبية الطائفتين الباحثتين عن المعارف الدينية في صدر الإسلام إلى تقابل عجيب بالإفراط والتفريط في هذا المقام، فطائفة -وهم المفوضة- أثبتوا مصالح ومفاسد نفس أمرية وحسنا وقبحا واقعيين هي ثابتة ثبوتا أزليا أبديا غير متغير ولا متبدل، وهي حاكمة على الله -سبحانه- بالإيجاب والتحريم، مؤثرة في أفعاله تكوينا وتشريعا بالحظر والترخيص، فأخرجوه -تعالى- عن سلطانه، وأبطلوا إطلاق ملكه.
وطائفة -وهم المجبرة- نفت ذلك كله، وأصرت على أن الحسن في الشيء إنما هو تعلق الأمر به، والقبح تعلق النهي به، ولا غرض ولا غاية في تكوين ولا تشريع، وأن الإنسان لا يملك من فعله شيئا ولا قدرة قبل الفعل عليه، كما أن الطائفة الأولى ذهبت إلى أن الفعل مخلوق للإنسان وأن الله -سبحانه- لا يملك من فعل الإنسان شيئا، ولا تتعلق به قدرته.
والقولان -كما ترى- إفراط وتفريط، فلا هذا ولا ذاك، بل حقيقة الأمر أن هذه ونظائرها أمور اعتبارية وضعية لها أصل حقيقي، وهو أن الإنسان -ونظيره سائر الحيوانات الاجتماعية كل على قدره في مسيره الحيوي الذي لا يريد به إلا إبقاء الحياة ونيل السعادة- ناقصٌ محتاج يرفع جهات نقصه وحاجته بأعماله الاجتماعية الصادرة عن الشعور والإرادة، فاضطره ذلك إلى أن يصف أعماله والأمور التي تتعلق بها أعماله في طريق الوصول إلى غاية سعادته والتجنب عن شقائه بأوصاف الأمور الخارجية من حسن وقبح ووجوب وحرمة وجواز وملك وحق وغير ذلك، ويُجري فيها نواميس الأسباب والمسببات، فيضع في إثر ذلك قوانين عامة وخاصة، ويعتقد لذلك نوعا من الثبوت الذي يعتقده للأمور الحقيقية حتى يتم له بذلك أمر حياته الاجتماعية"[2].
وقد يُرجع إلى حكم الشرع كما هو المنسوب إلى الأشاعرة، فتكون أحكام التحسين والتقبيح راجعة إلى تشريعات دينية إسلامية أو سابقة على الإسلام أدّت إلى حكم الإنسان بالحسن والقبح على بعض الأمور.
قال الغزالي "أن ما هو مخالف للأغراض في جميع الأحوال إلا في حالة نادرة، فقد يحكم الإنسان عليه مطلقاً بأنه قبيح لذهوله عن الحالة النادرة ورسوخ غالب الأحوال في نفسه واستيلائه على ذكره، فيقضي مثلاً على الكذب بأنه قبيح مطلقاً في كل حال، وأن قبحه لأنه كذب لذاته فقط لا لمعنى زائد، وسبب ذلك غفلته عن ارتباط مصالح كثيرة بالكذب في بعض الأحوال، ولكن لو وقعت تلك الحالة ربما نفر طبعه عن استحسان الكذب لكثرة إلفه باستقباحه؛ وذلك لأن الطبع ينفر عنه من أول الصبا بطريق التأديب والاستصلاح، ويلقي إليه أن الكذب قبيح في نفسه وأنه لا ينبغي أن يكذب قط، فهو قبيح ولكن بشرط يلازمه في أكثر الأوقات وإنما يقع نادراً، فلذلك لا ينبه على ذلك الشرط ويغرس في طبعه قبحه والتنفير عنه مطلقاً".
وقد يُرجع -كما هو المنسوب إلى بعض فلاسفة الغرب- إلى ميول نفسية وتربوية راجعة إلى طبيعة الإنسان أدت إلى حكم الإنسان بأنه ينبغي فعل ما يتناسب مع هذه الميول، وينبغي ترك الفعل الذي لا يتناسب مع هذه الميول، فالظلم قبيح لأن النفس تنفر من وقوعه في الخارج نظير نفرتها من الآلام، والإحسان إلى الغير حسن لأن النفس تميل نحو الإحسان نظير ميلها للذائذ.
فهذا المسلك لا يرى أن التحسين والتقبيح قضايا واقعية كسائر البديهات العقلية، بل غاية ما في الأمر أن الإنسان يُضفي عليها نوع قيمة واعتبار لأسباب معينة، ويندرج تحت هذا المسلك عدة اتجاهات بناء على التفسيرات التي قُدمّت لهذه الظاهرة.
وهذا المسلك هو مسلك غير القائلين بالعدل من الفرق الإسلامية كالأشاعرة والحنابلة والإباضية، وهو مسلك الفلاسفة.
بعد أن تبيّن المسلكان صلح المقام لبيان الحق في المسألة، فلا ريب في أن المسلك الأول هو الصواب، ويمكن تقرير ذلك بالتالي:
يجد الإنسان من نفسه اعتقادا بالحسن والقبح، وبتحليل منشأ هذا الاعتقاد يجد:
[أ] أنه لا يمكن أن يكون منشأ هذا الاعتقاد هو المنفعة والمضرة الشخصية؛ لأنه يجد من نفسه أنه لا ينبغي فعل الظلم مثلا وإن ترتبت على ذلك مصلحة شخصية، ويجد من نفسه حُسن الإحسان إلى الآخرين وإن لم يترتب على ذلك نفع راجع إليه.
[ب] وأنه لا يمكن أن يكون منشأ الاعتقاد هو المنفعة النوعية والمضرة النوعية والمصالح والمفاسد الاجتماعية العامة؛ لأنه يجد في نفسه شناعة وقوع القبيح ممن هو خارج المجتمع، فهو يجد شناعة استناد الظلم والكذب إلى الله –تعالى عن ذلك علوا كبيرا- وإن لم يترتب على ذلك مفسدة نوعية.
[ج] وأنه لا يمكن أن يكون منشأ الاعتقاد هو الميل النفسي للأفعال الحسنة والنفرة النفسية عن الأفعال القبيحة من دون أن يكون هناك تقرر واقعي للحسن والقبح خارج ميل ونفرة النفس؛ لوقوع النفرة النفسية في موارد يجد الإنسان من نفسه أنه لا قبح فيها، كما في موارد القصاص، ولوقوع الميل النفسي تجاه أمور مع الحكم بالقبح، كما في موارد الظلم مع ميل النفس إلى الشيء المغصوب.
[د] وأنه لا يمكن أن يكون منشأ الاعتقاد التأديب الشرعي؛ فإن الاعتقاد بالقبح مثلا يختص بجملة من الأمور ولا يشمل تمام أحكام الشرع وإن كانت من الكبائر؛ فإن الناظر يجد من نفسه فرقا بين قبح الظلم وبين قبح الزنا مع تراضي الطرفين، فرغم التأديب الشرعي لا يجد الناظر من نفسه تساوي حال الظلم وحال الزنا مع تراضي الطرفين، فيجد أن للأول قبحا غير متحقق في الثاني، وهذا من الوضوح بمكان.
[هـ] وأنه لا يمكن أن يكون منشأ الاعتقاد هو التأديب العرفي والعادي؛ فإن نفس الكلام السابق في إنكار الإرجاع إلى التأديب الشرعي يأتي هنا، فالناظر يفرق في نفسه بين قبح الظلم وقبح التزوج من غير إذن العشيرة، والأمر واضح.
وإذا تبيّن فساد كل هذه المحتملات انتبه الإنسان إلى واقعية التحسين والتقبيح.
ولا يبتني هذا البيان على الحصر العقلي للمحتملات المتقدمة؛ لأن الغرض هو التنبيه على ما يجده الإنسان من نفسه من خلال لفت النظر إلى الاحتمالات الطبيعية التي قد توجب الالتباس في واقعية التحسين والتقبيح.
ويترتب على كون التحسين والتقبيح واقعيين أمر في غاية الأهمية، وهو انفتاح الباب لإثبات حكمة الله -تعالى- وعدله الراجعين إلى أنه -سبحانه- لا يفعل القبيح؛ إذ لو لم يكن الحسن والقبح واقعيين لم يكن في وقوع الكذب والظلم من قبل الله -جل وعلا عن ذلك- أيُّ محذور، فلا فرق بين الصدق والكذب والعدل والظلم والإيفاء بالوعد وإخلافه بالإضافة إلى الله -تعالى-، فالكذب غير قبيح، فَلِمَ لا يفعله الله؟! وما الضامن لعدم وقوع الكذب والظلم وإخلاف الوعد منه -جل وعلا-؟!
فلو لم يكن الكذب قبيحا لم يكن في البين مانع من أن يخبرنا الله -تعالى- بخلاف الواقع، فتكون جملة من إخبارات القرآن مثلا كاذبةً! بل لم يكن في البين طريق لإثبات النبوات؛ لأنه لا ضمان مع نفي قبح الكذب من أن يخبرنا الله بأن شخصا ما رسول مع عدم كونه كذلك! ومن أن تجري المعجزة على يد مدعي النبوة من دون أن يكون نبيا! ولو لم يكن الظلم قبيحا لم يكن في البين ضمان لنفي معاقبة الله للمطيعين وإثابة الله للعاصين! ولم يكن في البين طريق لإثبات المصالح في التشريعات لاحتمال كون الغرض من التشريع هو الظلم والجور -تعالى الرب عن ذلك علوا كبيرا-.
وقد جرى القرآن العظيم والشرع المبين على تقرير التحسين والتقبيح بأحسن الوجوه، فمن ذلك:
[أ] الاحتجاج بقبح عبادة من لم يخلق الخلق، قال -تعالى- "أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ"[3]، وقال "وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّا يُؤْفَكُونَ"[4]، والآيات في هذا كثيرة، والمراد أن عبادة غير الخالق قبيحة، فيصح الإنكار بذلك على المشرك الذي لا يقر بالشرع، ولو لم يكن التحسين والتقبيح عقليين لكان الشرك سائغا عقلا، ولأمكن أن يأمر به الشارع -والعياذ بالله-.
[ب] الاحتجاج بلزوم المعاد لئلا يلزم اتصاف فعله -تعالى- في الخلق بالعبث القبيح، ولئلا تقع التسوية بين المصلح والمفسد، قال -تعالى- "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ"[5]، وقال "وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ النَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ"[6]، وقال "إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ"[7]، والآيات ظاهرة جدا.
[ج] بيان استحقاق المطيع للثواب، قال -تعالى- "وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * ذَوَاتَى أَفْنَانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ ... * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"[8]؛ فلا تخفى دلالة الاستفهام على استحقاق المحسن للإحسان عقلا.
[د] تمدّح الله -تعالى- بفعل بعض الأفعال وترك أخرى، قال -تعالى- "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ"[9]، وقال "ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ"[10]، وقال "اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ حَدِيثاً"[11]، وقال "لَكِنْ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ"[12].
[هـ] الاحتجاج على لزوم الشكر بعد تفضل الله على العباد بالنعم، قال -جل وعلا- "إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ"[13]، وقال "وَآيَةٌ لَهُمْ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ"[14].
[و] بيان تنزّه الله عن بعض الأفعال، قال -تعالى- "وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ"[15]، وقال " إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ"[16].
فلولا التحسين والتقبيح لم يكن معنى لهذه الآيات كما لا ينبغي أن يخفى.
----------
[1] أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، الاقتصاد فيما يجب على العباد، ص61.
[2] محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج7 ص120.
[3] الأعراف:191.
[4] العنكبوت:61.
[5] المؤمنون:115.
[6] ص:27-28.
[7] القلم:34-36.
[8] الرحمن:46-61.
[9] النحل:90.
[10] آل عمران:182.
[11] النساء:87.
[12] الزمر:20.
[13] البقرة:243.
[14] يس:33-35.
[15] الأعراف:28.
[16] يونس:44.