image
ما أصناف مستحقي الخمس عند الإمامية؟

الخمس ثابت في خمسة أشياء عند الإمامية، ووقع كلام عند الإمامية في ثبوت الخمس في شيئين من بعض الحيثيات.

والذي يدل على أن الخمس في خمسة أشياء هو ما رواه الشيخ الصدوق بسند معتبر "حدثنا أحمد بن بن زياد بن جعفر الهمذاني -رضي الله عنه-، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله -عليه السلام-، قال: الخمس على خمسة أشياء: على الكنوز والمعادن والغوص والغنيمة، ونسي ابن أبي عمير الخامس"[1].

وجاء في ذيل هذه الرواية في الخصال "قال مصنف هذا الكتاب -رضي الله عنه-: أظن الخامس الذي نسيه ابن أبي عمير ما لا يرثه الرجل وهو يعلم أن فيه من الحلال والحرام ولا يعرف أصحاب الحرام فيؤديه إليهم ولا يعرف الحرام بعينه فيجتنبه، فيخرج منه الخمس".

 

ذكر الأصناف الخمسة مع ذكر شاهد لها من روايات أهل البيت -صلوات الله عليهم-:

أولاً: الكنز

روى ثقة الإسلام الكليني بسند صحيح "علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله -عليه السلام- عن الكنز، كم فيه؟ قال: الخمس، ..."[2].

ثانياً: المعادن

روى ثقة الإسلام الكليني بسند صحيح "علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر -عليه السلام- أنه سئل عن معادن الذهب والفضة والحديد والرصاص والصفر، فقال: عليها الخمس"[3].

وروى الكليني بسند صحيح "علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله -عليه السلام- عن الكنز، كم فيه؟ قال: الخمس، وعن المعادن كم فيها؟ قال: الخمس وكذلك الرصاص والصفر والحديد وكلما كان من المعادن يؤخذ منها ما يؤخذ من الذهب والفضة"[4].

ثالثاً: الغوص

روى الشيخ الطوسي بسند صحيح " وعنه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله -عليه ‌السلام- عن العنبر وغوص اللؤلؤ، فقال: عليه الخمس، ..."[5].

رابعاً: الغنيمة

روى الشيخ الطوسي بسند معتبر بسنده إلى محمد بن علي بن محبوب "عن علي بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله -عليه السلام-، في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم، فيكون معهم فيصيب غنيمة، قال: يؤدي خمسها ويطيب له"[6].

خامساً: الحلال المختلط بالحرام.

روى الشيخ الصدوق في الخصال بسند معتبر[7] " حدثنا أبي -رضي الله عنه-، قال حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عمار بن مروان قال سمعت أبا عبد الله يقول: فيما يُخرج من المعادن، والبحر، والغنيمة، والحلال المختلط بالحرام إذا لم يُعرف صاحبه، والكنوز الخمس"[8]

وروى الكليني بسند فيه خلاف بين الأعلام " علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله -عليه السلام-، قال: أتى رجل أمير المؤمنين -صلوات الله عليه- فقال: إني كسبت مالا أغمضت في مطالبه حلالا وحراما، وقد أردت التوبة، ولا أدري الحلال منه والحرام، وقد اختلط علي، فقال أمير المؤمنين -عليه السلام-: تصدق بخمس مالك؛ فإن الله -جلّ اسمه- رضي من الأشياء بالخمس وسائر الأموال لك حلال"[9].

 

الكلام في صنفين وقع نزاع فيهما:

الأول: أرباح المكاسب

روى الكليني بسند معتبر "علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عن سماعة، قال: سألت أبا الحسن -عليه السلام- عن الخمس، فقال: في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير"[10].

الثاني: أرض الذمي المنتقلة إليه من مسلم

روى الشيخ الطوسي بسند صحيح بسنده إلى "سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان، عن أبي عبيدة الحذاء قال: سمعت أبا جعفر -عليه ‌السلام- يقول: أيما ذمي اشترى من مسلم أرضاً فإن عليه الخمس".[11].

وقد وقع الكلام في الصنفين الأخيرين في طبيعة الحكم الثابت فيها، فهل الحكم فيهما من قبيل الخمس الثابت في أصل التشريع أم أنهما يتعلقان بشؤون الإمام وسلطانه؟ ونحو ذلك مما يظهر بملاحظة كلمات الفقهاء.

نعم، لا إشكال في ثبوت الأول منهما شرعا، وعلى هذا جرى الفقهاء.

 

----------

 

[1] محمد بن علي ابن بابويه، الخصال، ج١، ص٢٩١.

[2] محمد بن يعقوب الكليني، الكافي، ج٢، ص٧٣٤، ح١٤٣٩.

[3] محمد بن يعقوب الكليني، الكافي، ج٢، ص٧٢٨، ح١٤٢٨.

[4] محمد بن يعقوب الكليني، الكافي، ج٢، ص٧٣٤، ح١٤٣٩.

[5] محمد بن الحسن الطوسي، تهذيب الأحكام، ج٤، ص١٢١، ح٣٤٦.

[6] محمد بن الحسن الطوسي، تهذيب الأحكام، ج٤، ص١٢٤، ح٣٥٧.

[7] عمار بن مروان مشترك بين الكلبي واليشكري، واليشكري وثقه النجاشي وذكره الشيخ، وكل من النجاشي والشيخ ذكرا أن له كتاباً وأوردا طريقهما لكتابه، وقد أشار السيد الخوئي إلى أن ذكر عمار بن مروان ينصرف إلى اليشكري الثقة؛ فإن الكلبي لم يذكر إلا في مشيخة الفقيه، والذي ذكره علماء الرجال في كتبهم وذكروا طرقهم إليه هو اليشكري، وهذه الأمور تعطي أن اليشكري كان مشهوراً، فحينما يرد عمار بن مروان بصورة مطلقة ينصرف إلى اليشكري.

وقد أورد عليه بأن الأعلام بأنه لا بأس بهذا الانصراف بما هو مقتضٍ لإثبات إرادة اليشكري، ولكن في البين مانع من هذا الانصراف، وهو ما إذا كان السند قد ذكره الشيخ الصدوق، والوجه في ذلك أن الصدوق ذكر الكلبي في المشيخة، فيُشك في انصراف عمار بن مروان إلى اليشكري في تراث الشيخ الصدوق، وهذا الخبر مأخوذ من كتابه الخصال.

ويمكن أن يجاب بما حاصله: أن ابن أبي عمير روى عن عمار بن مروان مطلقاً، فإن قلنا بانصراف عمار بن مروان في كتب الصدوق إلى اليشكري فهو ثقة، وإن قلنا بانصرافه إلى الكلبي فقد روى عنه ابن أبي عمير، وهو لا يروي إلا عن ثقة، فيثبت المطلوب على كل تقدير.

[8] محمد بن علي ابن بابويه، الخصال، ج١، ص٢٩٠.

[9] محمد بن يعقوب الكليني، الكافي، ج٩، ص٦٨٠، ح٨٥٨١.

[10] محمد بن يعقوب الكليني، الكافي، ج٢، ص٧٢٩، ح١٤٣١.

[11] محمد بن الحسن الطوسي، تهذيب الأحكام، ج٤، ص١٣٩، ح٣٩٣.

شارك عبر الرابط شارك على الواتس اب شارك على X أنشرها على الفيسبوك شارك على تليغرام

هل لديك سؤال؟ اسألنا!

اسألنا