image
ما الدليل على وجوب المعاد؟

ثمة احتجاجان عقليان على المعاد أرشد إليهما الكتاب العزيز.

الاحتجاج الأول: تنزّه الله عن العبثية في الخلق، أو ما يسمى بدليل الحكمة.

تقريب: الله -تعالى- خلق الخلق للابتلاء والتعريض للثواب، فهو -سبحانه- حكيم، والحكيم لا يخلق عبثاً وإنما يخلق لغاية وحكمة، وهذه الحكمة من الخلق تقتضي وجود بعث وحساب، فعدم وجود عالم أخروي بهذا النحو يجعل التكليف عبثاً، والله -تبارك وتعالى- منزّه عنه، فلا يقع منه.

أما بعض الآيات المرشدة إلى ذلك:

أ- {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ، فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}[1].

ب- {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ، أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ}[2].

ج- {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ، وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}[3].

د- {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}[4].

هـ- {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ}[5].

 

الاحتجاج الثاني: تنزّه الله عن الظلم، أو ما يسمى بدليل العدالة.

تقريب: من الوضوح بمكان أن العقل يدرك قبح المساواة بين العالم والجاهل، والعادل والظالم، والمحسن والمسيء، والله -سبحانه- أجلّ من أن يجعلهم في رتبة واحدة، بل وعد الله المؤمنين بالثواب، ووعد الكافرين بالعقاب، فليس من العدل ترك المجازاة بعد عالم الدنيا الذي هو محل الاختبار والامتحان، فمقتضى عدالته -تبارك وتعالى- أن ينال المؤمن ما وعده الله من الثواب، ويأخذ الكافر ما يستحقه من العقاب.

من الآيات المرشدة إليه:

أ- {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ، أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ، مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}[6].

ب- {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ، لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ}[7].

ج- {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ، مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ}[8].

د- {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ، أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}[9].

 

ملاحظة: الظاهر أن الفارق بين الدليلين هو كون الأول -دليل الحكمة- ناظراً للغاية من الخلق، والثاني -دليل العدالة- ناظراً للوعد والوعيد.

والحمد لله وحده

 

----------

 

[1] المؤمنون : ١١٥-١١٦.

[2] ص : ٢٧-٢٨.

[3] الجاثية : ٢١-٢٢.

[4] الأنعام : ٧٣.

[5] الحجر : ٨٥.

[6] القلم : ٣٤-٣٦.

[7] الأنبياء : ١٦-١٧.

[8] الدخان : ٣٨-٤٠.

[9] التين : ٧-٨.

شارك عبر الرابط شارك على الواتس اب شارك على X أنشرها على الفيسبوك شارك على تليغرام

هل لديك سؤال؟ اسألنا!

اسأل الباحث