الجواب في ثلاث نقاط:
أولاً: الضرورة.
الضرورة القطعية الدالة على أن رسول الله -صلى الله عليه وآله- هو خاتم الأنبياء والمرسلين، ويمكن الالتفات إلى هذه الضرورة بملاحظة توافق المسلمين عليها فإن ذلك من المنبهات على الضروريات.
ثانياً: الكتاب العزيز.
قال الله -تبارك وتعالى- في سورة الأحزاب: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}[1]، والآية الشريفة واضحة الدلالة وكافية في إثبات المطلوب.
دفع إشكال.
إن قلتَ: الآية نافية لبعث نبي بعد نبي الله -صلى الله عليه وآله-، ولكنها لا تصلح دليلاً لنفي بعث رسول بعده -ص-.
قلتُ: المفهوم من الروايات أن كل رسول يكون نبياً، ولا عكس، فإن الرسول يتميز على النبي بأمرين زائدين وهما: رؤية الملَك وإرساله إلى قوم، فإذا نفينا مجيء نبي فإننا أبطلنا احتمال بعث رسول بعد رسولنا -صلى الله عليه وآله-، ومن الشواهد على ما ذكرناه ما رواه الكليني[2] بسند صحيح عن زرارة، قال:
سألت أبا جعفر -عليه السلام- عن قول الله -عز وجل-: "وكان رسولا نبيا"، ما الرسول وما النبي؟ قال: النبي الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك، والرسول الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك .. الحديث.
ثالثاً: الروايات.
أ- حديث المنزلة الذي رواه العامة والخاصة فبلغ حدّ التواتر، نذكر في المقام مصدراً واحداً له:
روى الكليني[3] بسند معتبر عن أبي أمية يوسف بن ثابت بن أبي سعيدة، عن أبي عبد الله -عليه السلام- في حديث طويل جاء في نهايته:
إن تكونوا وحدانيين فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وآله- وحدانيا يدعو الناس فلا يستجيبون له، وكان أول من استجاب له علي بن أبي طالب -عليه السلام- وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وآله-: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي".
ب- ما دل على أن حلال محمد -صلى الله عليه وآله- حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة:
روى الكليني[4] بسند صحيح عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله -عليه السلام- عن الحلال والحرام فقال: حلال محمد حلال أبدا إلى يوم القيامة، وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة، لا يكون غيره ولا يجيء غيره.
ج- جملة من الأخبار التي يصّرح فيها نفس رسول الله -صلى الله عليه وآله- أو بقية الأئمة المعصومين -عليهم السلام- على أن النبوة قد خُتمت به -ص-، نذكر خبرين منها:
الخبر الأول: روى الشيخ المفيد[5] في أماليه بسند صحيح عن أبي بصير، عن أبي جعفر الباقر -عليهما السلام- قال: لما حضر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- الوفاة نزل جبرئيل -عليه السلام- فقال له جبرئيل: يا رسول الله هل لك في الرجوع؟ قال: لا، قد بلغت رسالات ربي. ثم قال له: [يا رسول الله] أتريد الرجوع إلى الدنيا؟ قال: لا، بل الرفيق الأعلى. ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- للمسلمين وهم مجتمعون حوله: أيها الناس [إنه] لا نبي بعدي، ولا سنة بعد سنتي، فمن ادعى ذلك فدعواه وبدعته في النار، ومن ادعى ذلك فاقتلوه ومن اتبعه فإنهم في النار . أيها الناس أحيوا القصاص، وأحيُوا الحق، ولا تفرقوا، وأسلموا وسلّموا تسلموا، "كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز".
الخبر الثاني: روى الكليني[6] بسند صحيح عن أيوب بن الحر، قال: سمعت أبا عبد الله -عليه السلام- يقول:
إن الله -عزّ ذكره- ختم بنبيكم النبيين فلا نبي بعده أبدا، وختم بكتابكم الكتب فلا كتاب بعده أبدا .. الحديث.
وعليه، لا شك ولا ريب في أن النبي -صلى الله عليه وآله- هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك بمقتضى كونه ضرورة عند المسلمين، وبدليل الكتاب والسنة.
والحمد لله وحده
----------
[1] الأحزاب : ٤٠.
[2] محمد بن يعقوب الكليني، الكافي، ج١، ص٤٢٨، ح٤٤٣.
[3] محمد بن يعقوب الكليني، الكافي، ج١٥، ص٢٦٢، ح٤٤٣.
[4] محمد بن يعقوب الكليني، الكافي، ج١، ص١٤٧، ح١٤٨٩٥.
[5] محمد بن محمد بن النعمان المفيد، الأمالي، ص٨٥.
[6] محمد بن يعقوب الكليني، الكافي، ج١، ص٦٧٠، ح٧٠٦.