image
من معارف الكتاب والسنة
كتب بواسطة فراج الفضلي
حرر في 2024-02-05
19:02
عام
520

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿اللَّهُ الَّذى أَنزَلَ الكِتٰبَ بِالحَقِّ وَالميزانَ وَما يُدريكَ لَعَلَّ السّاعَةَ قَريبٌ۝يَستَعجِلُ بِهَا الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِها وَالَّذينَ ءامَنوا مُشفِقونَ مِنها وَيَعلَمونَ أَنَّهَا الحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذينَ يُمارونَ فِى السّاعَةِ لَفى ضَلٰلٍ بَعيدٍ﴾ 
[الشورى: 17 - 18]

تأمل ..

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: اعرف إمامك فإنك إذا عرفت لم يضرك، تقدم هذا الأمر أو تأخر.

تأمل ..

يا للإنسان ما أعجبه! لو أنه أخطأ ولم يك قد نُبِّه من قبل لقل الخطب وهان الأمر، أمَا وقد أنزل له نورٌ من ربه يهديه لما فيه صلاحه وينبهه على ما ينبغي أن يسير عليه في حياته فقد قامت الحجة وتبين البلاغ وارتفع العذر وانقطع الكلام!

يستشكل البعض جملة من الأمور التي لم يوكلها الله لهم ولم يجعل علمها عندهم، بل خص بعلمها نفسه واستأثر بإنفاذها قدرته وجعل موعدها تقديره وابتلى خلقه بالتسليم بها والإذعان لها بعد أن أقام لهم الدلائل  الدالة عليه وشيد البراهين المبرهنة على صدق رسوله صلى الله عليه وآله، وكانت هي مما جاء بها مما يبعد حين يلاحظ أول مرة عن إدراكهم ويغمض عن أفهامهم، ليرى أحكَّم مُحكم عقله فمضى على ما يقوله له من كون هذا من جملة ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله، وأنه صادق فيما يقول ويخبر، ولا محيص عن القبول بقوله والإذعان له، والانشغال بأداء ما كلفنا الله به.

وقد قال عزّ من قال مقرعا المشركين الذين أنكروا الحق ومنبها على هذا المطلب: ﴿أَم تَأمُرُهُم أَحلٰمُهُم بِهٰذا أَم هُم قَومٌ طاغونَ﴾ [الطور: 32 - 32]

فقابل بين الجريان وفق ما يقتضيه العقل وبين الطغيان، فكأن من لم يجر وفق ما يحكم به عقله فهو طاغ !!

وإن من أعجب الأمور أن هذا الابتلاء على أنه قد ذكر بالكتاب المطهر، والسنة المطهرة، إلا أنا نجد إلى يوم الناس هذا من يقع بنفس ذلك الإشكال ويفشل بعين ذلك الاختبار فيتكلم بما لم يكلف فينشغل به عما كُلِّف ويتشكك ويضل والعياذ بالله !!

فأنت يا أخي قد قام عندك الدليل الحق على وقوع  الساعة، وقد كلفك الله العمل الصالح لتنجو منها إذا هي قامت، ولم تكلف موعدها وأنى تقع إذ كان ذلك مما استأثر الله بعلمه ولم يكلفك العلم به، فلم تنشغل بما لم تكلف عما كلفت؟

وإن في كلام ربنا عز اسمه تنبيهًا وإرشادًا لما ينبغي أن تكون عليه من إشفاقٍ بانشغالك بإصلاح أعمالك إذ كان هذا مقتضى العلم بتحققها، وترك المماراة بما لم تكلف علمه ولم يوكل لك شأنه.

هذا وإن كان كلامه عز اسمه في خصوص القيامة، إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، والمورد لا يخصص الوارد، وما قال -ولا يقول- أبو عبدالله عليه السلام إلا الحق، وليس وراء الحق إلا الباطل، والحمد لله وحده.