image
الإشارات الحديثية للشبهات المعاصرة حول المهدوية
كتب بواسطة نوح المهنا
حرر في 2024-02-05
18:02
الحديث والرجال
481

توطئة: 

هناك سُنَّة تاريخيّة أشار لها الله -سبحانه- في القرآن الكريم تتعلّق بأسلوب الكفار ومنهج المبطلين وتعامل »الذين في قلوبهم مرض« مع الآيات والبيّنات والبراهين التي نصبها الله على أيدي أنبيائه وحججه -صلوات الله عليهم-، وهي ظاهرة: (تَكَرُّر حجج هؤلاء المبطلين وتشابه أقوالهم وطريقة تفكيرهم وتصرفاتهم عبر التاريخ). 

فقد جعل الله -سبحانه- أساليبهم ومنهجيتهم في الجدل والمراء والمناكفة = عبرةً وعظةً لمن كان سليم القلب صادق النية في طلب الحق. 

وقد جاء ذكر هذه الظاهرة في عدد من آيات الذكر الحكيم، ولكن نكتفي هنا بذكر ثلاث آياتٍ فقط لكي ننتقل منها إلى مفاد هذه المقالة: 

1- قال -تعالى ذكره- في سورة البقرة (118):"وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ".

2- وقال الله -تعالى- في سورة الأنعام (148):"سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ". 

3- وقال -سبحانه- في سورة النحل (35): "وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَٰلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ". 

ففي الآية الأولى، بيّن -سبحانه- أن هؤلاء المشركين الجهلة احتجوا على رسول الله -ص- بمثل قولهم: 

"لماذا لا يكلّمنا الله مباشرة ويخبرنا بنبوتك يا محمد -ص-؟ 

لماذا لا تأتي لنا يا محمد -ص- بمن تزعم أنه أرسلك لنا لكي يكلّمنا؟! 

بل لماذا يا محمد -ص- لا تأتينا بمعجزة مقترحة وفقًا لأذواقنا واقتراحاتنا لكي نصدّق بدعواك؟ 

لعل بعضنا يريدك أن تفجر لنا ينبوعا من الأرض! 

وبعضنا الآخر يريدك أن تسقط السماء علينا كسفا! 

أو ربما يريدك أن ترقى إليها، أو أن تأتي بالله وبالملائكة قبيلًا([1])! 

وربما تطول قائمة المعاجز المقترحة التي يجب أن تأتي بها لكي نسلّم لك!". 

وفي الآية الثانية والثالثة، حكى -سبحانه- استدلال المشركين على رضا الله بشركهم بما يمكن أن نعبّر عنه بقياس استثنائي -بتعبير المناطقة-، ومفاده: 

" - يا محمد -ص، لو لم يشأ الله أن نشرك ويشرك آباؤنا ولم يرض بذلك كما تدعي، لما أشركنا لا نحن ولا آباؤنا ولما وقع ذلك في الخارج كما ترى الآن. 

والحال أننا أشركنا نحن وآباؤنا وأنت أمامنا ترى ذلك. 
والنتيجة أن الله -تعالى- قد شاء أن نشرك به نحن وآباؤنا عن رضا وإمضاء ولم يأبه ولم ينه عنه! فلماذا تصر على إبطال ديننا؟!" 

ولكن، ماذا عقّب الله على حججهم هذه في الآيات الثلاث؟ لقد عقّب عليها -سبحانه- بأمر لافتٍ للنظر اشتركت بذكره الآيات الثلاث، وهو: أن هذه الحجج ليست بدعًا من القول، وليست منهجًا فكريًا جديدًا في الاعتراض لم يسبقهم غيرهم إليه، فقد انتهجه -بعينه- من كان قبلهم من مكذبي حجج الله وجاحدي آياته، وذلك أن قلوب أهل التكذيب والعناد في كل عصر تتشابه في التفكير، وأساليبهم في مواجهة حجج الله تشترك! -وإن اختلف في الصورة والصياغة الشكليّة من عصر لآخر-، فكان من المتوقع أن تتشابه قلوب هؤلاء المشركين مع قلوب أسلافهم ممن كان على صفتهم وديدنهم في العناد واللجاج مع أنبيائهم([2]). 

ثم ختم الله كلامه -كما في الآية الأولى- ببيان أن الآيات والبراهين التي أقامها على نبوة نبيه -ص- كافية وشافية لمن كان صادقًا منصفًا مع نفسه، نقيَ القلب في طلب الحق واليقين، وختم كلامه في الآية الثانية في وصف منهج الكفار في اتباع الظنون التي لا تغني من الحق شيئًا، وختم كلامه في الآية الثالثة بأن رسل الله -تعالى- ليسوا مكلّفين سوى بالبلاغ المبين والحجج المحكمة الموجبة لإذعان أهل القلوب السليمة بها. 

وما علاقة هذا النكتة القرآنية بعقيدة المهدوية؟ 

كنت قد مررت منذ زمنٍ على أحاديث أئمة أهل البيت -ع- المتقدمين الواردة في شأن الإمام القائم -ع-، وما يتعلق بغيبته وأحداث ولادته وماصاحبها ومابعدها، وقد لحظت أثناء مطالعتي أمرًا مشتركًا بين جملة من الأحاديث الشريفة الواردة في حقه -ع-، وهو: إشارتها إلى جملة من الشبهات التي تطرح اليوم -وطرحت في الماضي وسوف تطرح مستقبلًا مادام البلاء والتمحيص- على عقيدة الإمامية في الإمام المهدي -ع- وغيبته وولادته وأحواله، وكذلك أشارت هذه الأحاديث إلى الابتلاءات المصاحبة للمعتقد بهذه العقيدة، وفي بعضها إخبار بوقوع هذا الشك الكبير في شأنه -ع- بصورة ملفتة، وفي بعضها التشديد على التمسك بالاعتقاد به وبما جاء به آباؤه حول زمن الغيبة، وهذه الروايات التي يمكن إدخالها تحت هذا العنوان كثيرة ويمكن تقسيمها على طوائف عديدة، ولكن في هذه المقالة نذكر نزرًا منها من باب الإشارة، ولم نقصد الاستقصاء في هذا الصدد، وعليه سنكتفي بذكر أربع طوائف من الروايات، وهي: 

 

الطائفة الأولى: ما دل على أن استغراب عقيدة غيبة الإمام -ع- أمر متوقع 

يستغرب كثير ممن يطلّع على عقيدة الإمامية اعتقادَهم غيبة الإمام الثاني عشر -المهدي عليه السلام- وحياته إلى اليوم، مع إقرار الإمامية بعدم وقوع مثل هذه الغيبة من آبائه -ع-، ويظهر أن منشأ الاستغراب أمران: أن الإمام -ع- غائب متوار عن الأنظار بخلاف آبائه -ع-، وأن عمره -ع- طويل بحيث لا يتصور حصول ذلك إلا بإعجاز. 

ولكن من ينظر في جملة من الأخبار الشريفة يجد أن مثل هذا الاستغراب البدوي أمر متوقع، بل استغربه أحد أعاظم أصحاب الأئمة -ع- في بادئ تلقيه لخبر الغيبة كما سترى في الحديث الثاني من هذه الطائفة، ولكن -مع الغرابة البدوية لهذه العقيدة- أكّد الأئمة -ع- من خلال هذه الروايات على وجوب التصديق بها مادامت جاءت بالخبر الصادق الذي قامت عليه قواطع الأدلة، وعليه فلا مجال لتكذيبه وإنكاره. 

1- روى الكليني -رحمه الله- في الكافي([3]) بسند صحيح، قال: "عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ: إِنْ بَلَغَكُمْ عَنْ صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ غَيْبَةٌ فَلَا تُنْكِرُوهَا." 

قلت: وجه الاستدلال هو علم الإمام -ع- بوقوع نوع من الحيرة والوحشة من فكرة غيبة القائم -ع- لذلك مهّد لشيعته بإخباره بوقوعها وعدم جواز إنكارها، ولو كانت ليست في معرض الإنكار لما نــبّه عليها ولما حذرهم من إنكارها.

2- روى الكشي([4]) بسند صحيح: "مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الطَّيَالِسِيُ‏ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَشَّاءُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ، قَالَ حَدَّثَنِي زُرَارَةُ، قَالَ:  قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ (ع) حَدِّثْ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ لَا حَرَجَ، قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ اللَّهِ إِنَّ فِي أَحَادِيثِ الشِّيعَةِ مَا هُوَ أَعْجَبُ مِنْ أَحَادِيثِهِمْ! قَالَ وَ أَيُّ شَيْ‏ءٍ هُوَ يَا زُرَارَةُ قَالَ فَاخْتَلَسَ مِنْ قَلْبِي فَمَكَثْتُ سَاعَةً لَا أَذْكُرُ مَا أُرِيدُ، قَالَ لَعَلَّكَ‏ تُرِيدُ الْغَيْبَةَ قُلْتُ نَعَمْ، قَالَ فَصَدِّقْ بِهَا فَإِنَّهَا حَقٌّ." 

ورواه الصفار([5]) -رحمه الله- بسند صحيح عن يعقوب بن يزيد عن الوشاء  عن محمد بن حمران عن زرارة مثله. 

قلت: وجه الاستدلال هو أن زرارة بن أعيّن -وهو من أعاظم أصحاب الإماميْن الصادقين ع- كان يتعجّب في قرارة نفسه من عقيدة غيبة القائم -ع-، ولكن الإمام نبّهه أن التصديق بها واجب وحق، وأن الغيبة واقعة لا محالة. 

فائدة منهجية مستفادة من هذه الطائفة من الروايات:

يستفاد من هذين الخبرين الشريفين تأصيلٌ عقدي مهم، وله جذر قرآني، وهو أن مجرد الاستغراب والاستيحاش البدوييْن من العقائد والأفكار = لا قيمة لهما ما دام الدليل القطعي دالًا على هذه العقائد والأفكار، وفي هذا تنبيه لمن ينكر الأخبار والعقائد والمباني الفكرية لمجرد عدم طرقها سمعه وعدم أنسه بها في بادئ تلقيه لها، قال -سبحانه- حكاية عن الكفار: 

"وَعَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَٰهًا وَاحِدًا إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ" (سورة ص 4-5) 

وقال -سبحانه- حاكيًا عنهم:" بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا  ذَٰلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ" (سورة ق 2-3) 

وحكى عن كفار قريش استهزاءهم برسول الله -ص-:"وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ * أَفْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ" (سورة سبأ 7-8)، فتأمل. 

 

الطائفة الثانية: ما دل على التشكيك في ولادته

لعل أكثر شبهة تاريخية دندن حولها المبطلون هي التشكيك في ولادة القائم -ع-، ومهما كان مستند هذه الشبهة، فإنه جملة من هؤلاء لم يتلفتوا  إلى أن الإمامية لم يدّعوا أن ظروف ولادة القائم -ع- كانت طبيعية بحيث يذاع خبرها بين الناس بصورة اعتيادية كسائر الولادات، وإنما كانت في ظروف خاصة وقاسية لا يعلم بها إلا الخواص والثقات، وقد جاء ذكر خفاء مولده -ع- في الأخبار بصراحة من قبل أن يتفوّه هؤلاء بإشكال غموض الولادة ومحاولة نفيها: 

1- روى الكليني في الكافي([6]) بسند صحيح: "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع إِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونَ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ وَ أَنْ يَسُوقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ بِغَيْرِ سَيْفٍ فَقَدْ بُويِعَ لَكَ وَ ضُرِبَتِ الدَّرَاهِمُ بِاسْمِكَ فَقَالَ مَا مِنَّا أَحَدٌ اخْتَلَفَتْ إِلَيْهِ الْكُتُبُ وَ أُشِيرَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ وَ سُئِلَ عَنِ الْمَسَائِلِ وَ حُمِلَتْ إِلَيْهِ الْأَمْوَالُ إِلَّا اغْتِيلَ‏ أَوْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ لِهَذَا الْأَمْرِ غُلَاماً مِنَّا- خَفِيَّ الْوِلَادَةِ وَ الْمَنْشَإِ غَيْرَ خَفِيٍّ فِي نَسَبِهِ." 

2- وروى الصدوق في كمال الدين([7]) بسند صحيح: "حَدَّثَنَا أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْخَشَّابُ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ الْقَصَبَانِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع يَقُولُ‏: صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ مَنْ يَقُولُ النَّاسُ لَمْ‏ يُولَدْ بَعْدُ." 

مؤيد: وروى كذلك الصدوق([8]) في كمال الدين: "وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ([9]) قَالَ: قَالَ: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ -ع-: الْقَائِمُ مِنَّا تَخْفَى وِلَادَتُهُ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَقُولُوا لَمْ يُولَدْ بَعْدُ لِيَخْرُجَ حِينَ يَخْرُجُ وَ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ." 

قلت: وهذا هو اعتقاد أهل السنة في المهدي -ع- في عصرنا وماسبقه، وقد أشار له إمامنا الكاظم -ع-، فتأمل.

3- وروى الصدوق رحمه الله في كمال الدين([10]) بسند معتبر: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ صَالِحٍ الْهَرَوِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏: وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ بَشِيراً لَيَغِيبَنَّ الْقَائِمُ مِنْ وُلْدِي بِعَهْدٍ مَعْهُودٍ إِلَيْهِ مِنِّي حَتَّى يَقُولَ أَكْثَرُ النَّاسِ مَا لِلَّهِ‏ فِي‏ آلِ‏ مُحَمَّدٍ حَاجَةٌ وَ يَشُكُّ آخَرُونَ فِي وِلَادَتِهِ فَمَنْ أَدْرَكَ زَمَانَهُ فَلْيَتَمَسَّكْ بِدِينِهِ وَ لَا يَجْعَلْ لِلشَّيْطَانِ إِلَيْهِ سَبِيلًا بِشَكِّهِ‏ فَيُزِيلَهُ عَنْ مِلَّتِي وَ يُخْرِجَهُ مِنْ دِينِي فَقَدْ أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ مِنْ قَبْلُ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ‏ الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ‏." 

قلت: هذا حديث جليل عظيم الأثر في النفس، ولا نبالغ إن قلنا إنه من جوامع الكلم في عقيدة الإمامية بمهدي آل محمد -ص-.  

4- وروى الصدوق في كمال الدين([11]) بسند صحيح: "حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهَمَدَانِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَزْدِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ سَيِّدِي مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً فَقَالَ ع النِّعْمَةُ الظَّاهِرَةُ الْإِمَامُ الظَّاهِرُ وَ الْبَاطِنَةُ الْإِمَامُ الْغَائِبُ فَقُلْتُ لَهُ وَ يَكُونُ فِي الْأَئِمَّةِ مَنْ يَغِيبُ قَالَ نَعَمْ يَغِيبُ عَنْ أَبْصَارِ النَّاسِ شَخْصُهُ وَ لَا يَغِيبُ عَنْ‏ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ذِكْرُهُ وَ هُوَ الثَّانِي عَشَرَ مِنَّا يُسَهِّلُ اللَّهُ لَهُ كُلَّ عَسِيرٍ وَ يُذَلِّلُ لَهُ كُلَّ صَعْبٍ وَ يُظْهِرُ لَهُ كُنُوزَ الْأَرْضِ وَ يُقَرِّبُ لَهُ كُلَّ بَعِيدٍ وَ يُبِيرُ بِهِ كُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَ يُهْلِكُ عَلَى يَدِهِ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ذَلِكَ ابْنُ سَيِّدَةِ الْإِمَاءِ الَّذِي تَخْفَى عَلَى النَّاسِ وِلَادَتُهُ وَ لَا يَحِلُّ لَهُمْ تَسْمِيَتُهُ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَيَمْلَأَ الْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً." 

قلت: تدل هذه الطائفة من الروايات على وقوع إخبار من قِبَل الأئمة -ع- على خفاء ولادة الإمام المهدي -ع- على عموم الناس، وهذا ينسجم مع الظروف التاريخية التي أحاطت بالإمام العسكري -ع- في ذلك الزمن من التضييق عليه ومراقبته وتفتيش منزله وتواجد الوشاة والمغرضين حوله -صلوات الله عليه-. 

 

الطائفة الثالثة: ما دل على ترك الناس الاعتقادَ بمهدي آل محمد -ع- ونفي الحاجة إليه 

أشارت جملة من أحاديث أهل البيت -ع- إلى ترك كثير من الناس الاعتقاد بالإمام المهدي -ع- وإنكار الحاجة إليه، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب واتباع الأهواء، والغاية من إيراد هذه الطائفة من الأحاديث؛ الإشارة إلى أن ما يقع من بعض ممن حولنا ممن يترك الدين الحق ويتسرّع في إنكار غيبة الإمام -ع- ويتجرأ على رد البراهين والأحاديث الدالة عليها بتعللات واهية = ما هو إلا مصداق متوقع للضلال الذي تكلم عنه الإمام -ع- منذ أكثر من ألف عام([12]): 

1- روى الصدوق في كمال الدين([13]) بسند صحيح: "حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَطَّارُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْجَمَّالِ قَالَ قَالَ‏ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ع: 

 أَمَا وَ اللَّهِ لَيَغِيبَنَّ عَنْكُمْ مَهْدِيُّكُمْ حَتَّى يَقُولَ الْجَاهِلُ مِنْكُمْ مَا لِلَّهِ فِي آلِ مُحَمَّدٍ حَاجَةٌ ثُمَّ يُقْبِلُ كَالشِّهَابِ الثَّاقِبِ فَيَمْلَؤُهَا عَدْلًا وَ قِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً." 

2- ما مر في الطائفة الثانية في كمال الدين([14]) بسند معتبر: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ صَالِحٍ الْهَرَوِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏: 

وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ بَشِيراً لَيَغِيبَنَّ الْقَائِمُ مِنْ وُلْدِي بِعَهْدٍ مَعْهُودٍ إِلَيْهِ مِنِّي حَتَّى يَقُولَ أَكْثَرُ النَّاسِ مَا لِلَّهِ‏ فِي‏ آلِ‏ مُحَمَّدٍ حَاجَةٌ وَ يَشُكُّ آخَرُونَ فِي وِلَادَتِهِ فَمَنْ أَدْرَكَ زَمَانَهُ فَلْيَتَمَسَّكْ بِدِينِهِ وَ لَا يَجْعَلْ لِلشَّيْطَانِ إِلَيْهِ سَبِيلًا بِشَكِّهِ‏([15]) فَيُزِيلَهُ عَنْ مِلَّتِي وَ يُخْرِجَهُ مِنْ دِينِي فَقَدْ أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ مِنْ قَبْلُ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ‏ الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ‏. 

3- وروى الصدوق في كمال الدين([16]) بسند صحيح: "حَدَّثَنَا أَبِي وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْمُتَوَكِّلُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالُوا حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ جَمِيعاً قَالُوا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ وَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيُّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ جَمِيعاً قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ السَّرَّادُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: 

الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي اسْمُهُ اسْمِي وَ كُنْيَتُهُ كُنْيَتِي أَشْبَهُ النَّاسِ بِي خَلْقاً وَ خُلْقاً تَكُونُ لَهُ غَيْبَةٌ وَ حَيْرَةٌ حَتَّى تَضِلَّ الْخَلْقُ عَنْ أَدْيَانِهِمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ يُقْبِلُ كَالشِّهَابِ الثَّاقِبِ فَيَمْلَؤُهَا قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً." 

مؤيد: روى الصدوق([17]) في كمال الدين بسنده قال: "حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبْدُوسٍ الْعَطَّارُ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْدَانُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّيْسَابُورِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ عَنْ أَبِيهِ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ سَيِّدِ الشُّهَدَاءِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ سَيِّدِ الْأَوْصِيَاءِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي تَكُونُ لَهُ غَيْبَةٌ وَ حَيْرَةٌ تَضِلُّ فِيهَا الْأُمَمُ يَأْتِي بِذَخِيرَةِ الْأَنْبِيَاءِ ع فَيَمْلَؤُهَا عَدْلًا وَ قِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً." 

مؤيد: روى الصدوق([18]) في كمال الدين بسنده، قال: "حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهَمَدَانِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَنَّهُ قَالَ: 

التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِكَ يَا حُسَيْنُ هُوَ الْقَائِمُ بِالْحَقِّ الْمُظْهِرُ لِلدِّينِ وَ الْبَاسِطُ لِلْعَدْلِ قَالَ الْحُسَيْنُ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِنَّ ذَلِكَ لَكَائِنٌ فَقَالَ ع إِي وَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً ص بِالنُّبُوَّةِ وَ اصْطَفَاهُ عَلَى جَمِيعِ الْبَرِيَّةِ وَ لَكِنْ بَعْدَ غَيْبَةٍ وَ حَيْرَةٍ فَلَا يَثْبُتُ فِيهَا عَلَى دِينِهِ إِلَّا الْمُخْلِصُونَ الْمُبَاشِرُونَ لِرَوْحِ الْيَقِينِ الَّذِينَ أَخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِيثَاقَهُمْ بِوَلَايَتِنَا وَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ." 

4- وروى الصدوق في كمال الدين([19]) بسند صحيح: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيِّ بْنِ هَمَّامٍ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْرِيَّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ‏: 

 سُئِلَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ع وَ أَنَا عِنْدَهُ عَنِ الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ آبَائِهِ ع أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ لِلَّهِ عَلَى خَلْقِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَ لَمْ يَعْرِفْ إِمَامَ زَمَانِهِ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً فَقَالَ ع إِنَّ هَذَا حَقٌّ كَمَا أَنَّ النَّهَارَ حَقٌّ فَقِيلَ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَنِ الْحُجَّةُ وَ الْإِمَامُ بَعْدَكَ فَقَالَ ابْنِي مُحَمَّدٌ هُوَ الْإِمَامُ وَ الْحُجَّةُ بَعْدِي مَنْ مَاتَ وَ لَمْ يَعْرِفْهُ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً أَمَا إِنَّ لَهُ غَيْبَةً يَحَارُ فِيهَا الْجَاهِلُونَ وَ يَهْلِكُ‏ فِيهَا الْمُبْطِلُونَ‏ وَ يَكْذِبُ فِيهَا الْوَقَّاتُونَ ثُمَّ يَخْرُجُ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الْأَعْلَامِ الْبِيضِ تَخْفِقُ فَوْقَ رَأْسِهِ بِنَجَفِ الْكُوفَةِ." 

 

الطائفة الرابعة: ما دل على تشديد الأئمة على  التمسك بالاعتقاد بالإمام المهدي -ع- إلى أن يظهر الله أمره

دلّت هذه الطائفة من الروايات على ضرورة الصبر والتمسك بأهل البيت -ع- حتى في ظرف الغيبة، ومجيء هذا الأمر في الروايات والتشديد فيه على التمسك بهم -ع- يدل على صعوبة ظرف الغيبة الذي يفقد فيه الإمام -ع- وشدة الابتلاء به وعرضة الناس فيه للشبهات والشكوك.

 ولذلك جاءت روايات أخرى -كما سيأتي في الخاتمة- معظّمة للمؤمنين بإمام زمانهم في عصر الغيبة.

وكيفما كان فإليك الطائفة المعنونة من الروايات: 

1- روى علي بن بابويه -رحمه الله في الإمامة والتبصرة([20]) بسند صحيح: "عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ‏: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَغِيبُ‏ عَنْهُمْ‏ إِمَامُهُمْ‏. فَقُلْتُ لَهُ: مَا يَصْنَعُ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ؟ قَالَ: يَتَمَسَّكُونَ بِالْأَمْرِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ‏."

ورواه عنه ابنه الصدوق([21]) في كمال الدين.

2- وروى النعماني([22]) في الغيبة بسند موثق:  "وَ بِهِ([23]) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

 قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع يَكُونُ فَتْرَةٌ لَا يَعْرِفُ الْمُسْلِمُونَ فِيهَا إِمَامَهُمْ فَقَالَ يُقَالُ ذَلِكَ قُلْتُ فَكَيْفَ نَصْنَعُ قَالَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَتَمَسَّكُوا بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ‏ حَتَّى يُبَيَّنَ لَكُمُ الْآخِرُ." 

3- وروى ابن بابويه في الإمامة والتبصرة([24]) بسند صحيح: "مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ:  دَخَلْتُ أَنَا وَ أَبِي عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: فَكَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا صِرْتُمْ فِي حَالٍ لَا تَرَوْنَ فِيهَا إِمَامَ هُدًى؟ وَ لَا عَلَماً يُرَى؟ وَ لَا يَنْجُو مِنْهَا إِلَّا مَنْ دَعَا دُعَاءَ الْغَرِيقِ؟ فَقَالَ لَهُ أَبِي: إِذَا وَقَعَ هَذَا لَيْلًا([25]) فَكَيْفَ نَصْنَعُ؟ فَقَالَ: أَمَّا أَنْتَ فَلَا تُدْرِكُهُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ، فَتَمَسَّكُوا بِمَا فِي‏ أَيْدِيكُمْ‏، حَتَّى يَتَّضِحَ لَكُمُ الْأَمْرُ."

ورواه الصدوق([26]) في كمال الدين عن أبيه مثله فهو صحيح السند، ورواه النعماني([27]) بسند صحيح عن مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ الْحَسَنُ بْنُ ظَرِيفٍ جَمِيعاً عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَان‏ مثله. 

4- وروى الكليني في الكافي([28]) بسند صحيح ما يفيد هذه الطائفة أيضًا: "عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع: ‏ اعْرِفْ إِمَامَكَ فَإِنَّكَ إِذَا عَرَفْتَ لَمْ‏ يَضُرَّكَ‏ تَقَدَّمَ‏ هَذَا الْأَمْرُ أَوْ تَأَخَّرَ." 

 

التفاتة عقديَّة مهمة حول أحاديث الغيبة في التراث الإمامي([29]): 

إن مَن يرى التواتر الإجمالي لأخبار الغيبة في تراث الإمامية وكثرة طرقها وتنوّعها عن الأئمة المتقدمين -ع- واختلاف رواتها وشدّة اهتمامهم بها = يقطع بأن الاعتقاد بالغيبة لم يزل ركنًا من أركان عقيدة أهل البيت -ع- وأصلًا أصيلًا من ثوابت دينهم -ع-، بحيث كان وقوع هذه الغيبة في الخارج كما أخبروا -ع- متواترًا كابر عن كابر = من أجلى البراهين على صحة ماعليه اعتقاد الإمامية، بل يمكننا القول بأن غيبة للإمام الثاني عشر -ع- لو لم تقع لبطل مذهب الإمامية! وقد أشار شيخنا النعماني (تـ القرن الرابع) -رحمه الله- إلى هذه  النكتة في مقدمة كتابه الغيبة([30])، قال: 

" إذا تأمل من وهب الله تعالى له حسن الصورة، و فتح مسامع قلبه و منحه جودة القريحة، و أتحفه بالفهم وصحة الرواية بما جاء عن الهداة الطاهرين ص- على قديم الأيام و حديثها = من الروايات المتصلة فيها الموجبة لحدوثها، المقتضية لكونها مما قد أوردناه في هذا الكتاب حديثا حديثا، و روي فيه و فكر فكرا منعما، و لم يجعل قراءته و نظره فيه صفحا دون شافي التأمل، و لم يطمح ببصره عن حديث منها يشبه ما تقدمه دون إمعان النظر فيه و التبيين له و لما يحوي من زيادة المعاني بلفظه من كلام الإمام ع بحسب ما حمله واحد من الرواة عنه = علم أن هذه الغيبة لو لم تكن و لم تحدث مع ذلك و مع ما روي على مر الدهور فيها لكان مذهب الإمامة باطلا، لكن الله تبارك و تعالى صدّق إنذار الأئمة ع بها، وصحّح قولهم فيها في عصر بعد عصر، و ألزم الشيعة التسليم و التصديق و التمسك بما هم عليه، و قوّى اليقين في قلوبهم بصحة ما نقلوه" انتهى. 

وأشار شيخنا ابن قبة الرازي (تـ القرن الثالث الهجري) -وهو ممن لم يدرك الغيبة الكبرى!([31])- إلى تطابق الأخبار السابقة عن الغيبة مع وقوع الغيبة في الخارج، قال ([32]): 

" ثم ما زالت الأخبار ترد بنص واحد على آخر حتى بلغ الحسن بن علي -ع- فلما مات و لم يظهر النص و الخلف بعده، رجعنا إلى الكتب التي كان أسلافنا رووها قبل الغيبة = فوجدنا فيها ما يدل على أمر الخلف من بعد الحسن -ع- و أنه يغيب عن الناس، و يخفى شخصه، و أن الشيعة تختلف، و أن الناس يقعون في حيرة من أمره = فعلمنا أن أسلافنا لم يعلموا الغيب، و أن الأئمة أعلموهم ذلك بخبر الرسول فصحّ عندنا من هذا الوجه بهذه الدلالة كونه ووجوده وغيبته .." 

 

خاتمة

أحسب أن استحضار هذه الأخبار والتأمل فيها وفي أبعادها، وملاحظة تطابق بعضها بصورة لافتة مع ما نراه في زمننا من أهل الزيغ من شتى المذاهب الباطلة والمناهج المبتدعة = كفيل بتثبيت قلب المؤمن بإمام العصر -ع- بل وتأصيل الاعتقاد بالمهدوية في وجدانه وفطرته، حتى كأنه يرى قائم آل محمد -ع- عن قرب بأنسه بأحاديث آبائه -ع-في حقه. 

وعندها سيدرك صَغار خصومه وتهافت شُبَهِهِم، وعزّة التمسك بما جاء به أهل البيت -ع- والتسليم لهم، فإن جملة من أحوالنا اليوم -في زمن الغيبة- مخبر عنها إما إجمالًا أو تفصيلًا من قبل الأئمة -ع-، فتأمل. 

واعلم أن ما أوردته من هذه الطوائف ما هو إلا غيض من فيض من أحاديثهم المشيرة لنفس النكتة التي أسَّسَتها هذه المقالة، فلو تصفحت كتب الغيبة عند الإمامية -كالغيبتين والكمال بل وغيرها من المصنّفات التي حوت أخباره ع- لأمكن استخراج طوائف عديدة وإدراجها تحت النكتة المسماة، ولكننا أحببنا الإشارة فحسب للفت النظر إليها. 

وأختم كلمتي بما روي عن الإمام جعفر الصادق -ع- في حق المؤمنين بصاحب هذا الأمر -ع- في عصر الغيبة: 

روى الصدوق في كمال الدين([33]) بسند صحيح: "حَدَّثَنَا أَبِي وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالا حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ جَمِيعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع: 

‏ أَقْرَبُ‏ مَا يَكُونُ‏ الْعَبْدُ إِلَى‏ اللَّهِ‏ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَرْضَى مَا يَكُونُ عَنْهُ إِذَا افْتَقَدُوا حُجَّةَ اللَّهِ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ وَ حُجِبَ عَنْهُمْ فَلَمْ يَعْلَمُوا بِمَكَانِهِ وَ هُمْ فِي ذَلِكَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ حُجَجُ اللَّهِ وَ لَا بَيِّنَاتُهُ فَعِنْدَهَا فَلْيَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ صَبَاحاً وَ مَسَاءً وَ إِنَّ أَشَدَّ مَا يَكُونُ غَضَباً عَلَى أَعْدَائِهِ إِذَا أَفْقَدَهُمْ حُجَّتَهُ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ وَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ أَوْلِيَاءَهُ لَا يَرْتَابُونَ وَ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَرْتَابُونَ مَا أَفْقَدَهُمْ حُجَّتَهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ." 

أقول قولي هذا، فما كان من صواب فمن الله، وماكان من زلل فمني، والحمدلله كما هو أهله. 

 

----------

 

([1]) إشارة إلى قوله -تعالى-: "وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا" (الإسراء 90-93). 

([2]) قال الله -تعالى في سورة يونس 39:"بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ"، وقال في سورة آل عمران 184:" فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ"، وقال في سورة الأنعام 10:"وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ"، وقال في سورة غافر 34: "وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ" وغيرها الكثير من الآيات التي تنبّه على تكرر أفعال معاصري النبي -ص- مع أفعال الأقوام السابقين من الكفار. 

([3]) الكليني، الكافي، الأصول، ج2، ص153، باب (80)  في الغيبة، حديث 10، دار الحديث. 

([4]) الطوسي، اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي،  ترجمة زرارة بن أعين، حديث 260، ص157. 

([5]) الصفار، بصائر الدرجات، ج1، باب (10) في الأئمة أنهم يعرفون الإضمار و حديث النفس قبل أن يخبروا به‏، حديث 19، ص240. 

([6]) الكليني، الكافي، الأصول، ج2، ص165، باب (80)  في الغيبة، حديث 25، دار الحديث. 

([7]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ج2، ص360، باب (34) ما روي عن أبي الحسن موسى بن جعفر في النص على القائم -ع- و غيبته و أنه الثاني عشر من الأئمة، حديث 2. 

([8]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ج1، ص323، باب (31) ما أخبر به سيد العابدين علي بن الحسين ع من وقوع الغيبة بالقائم ع و أنه الثاني عشر من الأئمة ع‏، حديث 6. 

([9]) يعني: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الشَّيْبَانِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَمِّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِيهِ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ سَيِّدَ الْعَابِدِينَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع يَقُولُ ..) 

([10]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ج1، ص51، خاتمة باب [الشبهة حول ادعاء الإمام في هذا الوقت الإمامة أم لا]. 

([11]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ج2، ص369، باب (34) ما روي عن أبي الحسن موسى بن جعفر في النص على القائم ع و غيبته و أنه الثاني عشر من الأئمة، حديث 6. 

([12]) وعلى هذا يتضح أن من يحاول التشنيع على عقيدة الإمامية بإيراد نصوص لبعض القدماء بوقوع نوع شبهة وشك في المهدوية كما في مقدمة الصدوق في كماله، ومقدمة أبيه في تبصرته، ومقدمة النعماني في غيبته = فهو في الحقيقة لم يأت بشيء جديد، ولا تفيده هذه النصوص في مطلوبه، فمثل هذا النوع من الشبه كان من شأنه أن يقع لعدة أسباب منها الجهل بالأخبار الواردة عن أهل البيت -ع- والبعد عنها، ومنها جِدة أمر الغيبة وعِظَم وقعها على القلب رغم قطعيتها وتماميّة دليل وقوعها، وغير ذلك. 

([13]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ج2، ص342، باب (33) ما روي عن الصادق جعفر بن محمد ع من النص على القائم ع و ذكر غيبته و أنه الثاني عشر من الأئمة ع‏، حديث 22. 

([14]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ج1، ص51، خاتمة باب [الشبهة حول ادعاء الإمام في هذا الوقت الإمامة أم لا]. 

([15]) في بعض النسخ« يشككه»، هكذا في المطبوع. 

([16]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ج1، ص287، باب (25) ما أخبر به النبي ص من وقوع الغيبة بالقائم ع‏، حديث 4. 

([17]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ج1، ص287، باب (25) ما أخبر به النبي ص من وقوع الغيبة بالقائم ع‏، حديث 5. 

([18]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ج1، ص304، باب (26) ما أخبر به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع من وقوع الغيبة بالقائم الثاني عشر من الأئمة ع‏، حديث 16. 

([19]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ج2، ص409، باب (38) ما روي عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري ع من وقوع الغيبة بابنه القائم ع و أنه الثاني عشر من الأئمة ع‏، حديث 9. 

([20]) علي بن بابويه القمي، الإمامة والتبصرة من الحيرة، حديث 123. 

([21]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ج2، ص350، باب 33، حديث 44. 

([22]) النعماني، الغيبة،  ص157، فصل غير معنون، حديث 2. 

([23]) أي: "أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ هِشَامٍ النَّاشِرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ .." 

([24]) علي بن بابويه القمي، الإمامة والتبصرة من الحيرة، ص127، حديث 129. 

([25]) في البحار: البلاء. 

([26]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ج2، ص348، باب 33، حديث 39. 

([27]) النعماني، الغيبة، ص159، حديث 4. 

([28]) الكليني، الكافي، ج2، ص249، بَابُ أَنَّهُ مَنْ عَرَفَ إِمَامَهُ لَمْ يَضُرَّهُ تَقَدَّمَ هَذَا الْأَمْرُ أَوْ تَأَخَّر، حديث 1، دار الحديث. 

([29]) مستند أخبار الغيبة في التراث الإمامي هي ثلاثة كتب رئيسية، وهي: كمال الدين وتمام النعمة للصدوق (381هـ) والغيبة لمحمد بن إبراهيم النعماني (تـ القرن الرابع) والغيبة لمحمد بن الحسن الطوسي (460هـ)، وربما يضاف إليها الإمامة والتبصرة من الحيرة لعلي بن بابويه (329هـ) والد الصدوق. نعم، أخبار الغيبة وأحوال القائم -ع- لا تقتصر على هذه الكتب، وإنما تجدها متفرقة في الكتب الحديثية المتقدمة كالكافي وبصائر الدرجات وكامل الزيارات وغيرها. 

([30]) النعماني، الغيبة، المقدمة، ص24. 

([31]) توفي ابن قبة قبل سنة (319هـ) أي في الغيبة الصغرى، ولم يدرك الغيبة الكبرى التي بدأت سنة (329هـ). 

([32]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ج1، ص113، وكان الصدوق ينقل ما في كتاب ابن قبة بنصه. 

([33]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ج2، ص339، باب 33، حديث 17.